اليقين بالنصر مقابل البربرية

اليقين بالنصر مقابل البربرية

  • اليقين بالنصر مقابل البربرية

اخرى قبل 7 شهر


  اليقين بالنصر مقابل البربرية

بكر أبوبكر

ينشط المحللون السياسيون في كل مكان في عرض الاحتمالات والمخططات المعدة أو المتوقع أن تتم لغزو إسرائيلي لقطاع غزة، ومما نرى ونقرأ فإن اليقين الصهيوني بالنصر مفقود كليًا رغم فداحة الضربة التي طرقت رؤوسهم، ورغم ضرورة وحراجة القرار المتوجب منهم اتخاذه الذي ستشمل آثاره الداخل الإسرائيلي، والصورة العربية (صورتهم أمام العرب كدولة مهيمنة حامية) والعالمية للكيان بل ومستقبل الطبقة الحاكمة لدى الإسرائيلي.

إن قرار رد الضربة المباغتة والتي مثلت كما قال الإسرائيليون النكسة الثانية بعد نكسة يوم الغفران عام 1973 من قطاع غزة يعني عند المستوى السياسي الإسرائيلي ضرورة التجهز ماديًا ونفسيًا ودعائيا (ما تم بالتضليل والخدع وتساوق وسائل الاعلام الغربي ووسائط التواصل، والانحراف الرسمي العربي) ويعني الاستعداد العسكري الكبير سواء من خلال القصف الجوي المدمر الحاصل والقتل البربري، ومن خلال القصف البحري وما يليه من غزو بري مازال الإسرائيلي يتخوف كليًا منه على ما يبدو.

إن عقلية الإسرائيلي الغازي الناشطة في استدعاء المحرقة والإبادة وحرب الوجود، واللاسامية...الخ، مقابل "داعش" والنازية و11/9 قد تم استدعاؤها بسرعة البرق لتصبح ملء فم كل غربي، وخاصة حيث تم طرد اليهود أي من قبل ألمانيا النازية التي مازالت تتحسس رأسها وتبكي تاريخها الفظيع حين قتلت وطردت مواطنيها الألمان من اليهود خارج وطنهم في ألمانيا، إضافة لاشتعال الحماسة البريطانية والأمريكية اللتان صنعتا الكيان ذاته لأهدافها الاستعمارية العنصرية منذ ما قبل التفكير الصهيوني ذاته باحتلال هذه الأرض.

إن التغافل وازدواجية المعايير والعمى الغربي يتوافق مع فكرة المركز والهوامش وباعتبار دولة الكيان هي مقدمة الحضارة الغربية (المركز) في مقابل مجتمعات الهوامش (العالم) الثالث، فإن الدفاع عنها يكون فرض واجب على الغرب وليس فرض كفاية، لا سيما وأن هذا الغرب يقف على رجل واحدة في مواجهة التنين الصيني عبر محاولة دحر روسيا في الحرب داخل أوكرانيا، وحيث لا يمكن للغرب الاستعماري الاطلسي أن يُهزم في معركتين مصيريتين أي في فلسطين، وأوكرانيا معًا فإن النصر في فلسطين-إسرائيل يكون أولى لهم.

إن المخططات الأمريكية-الإسرائيلية-الغربية لغزو غزة تتخذ من قضية تهجير الفلسطينيين والتخلص منهم مرتكزًا أساسيا لتنظيف المساحات التي تبغي السيطرة عليها، ولربما حسب المحللين قد تجتاح أجزاءً محددة، أو تقسم القطاع الى عدة أقسام. أو لربما تجعل الشمال الغزي بالقصف البربري عبرة لمن يعتبر على طريق الإفراغ وتدمير كل قوى النضال مهما كانت، وفي رسالة (اسمعي يا جارة) لكل قوى الثورة الفلسطينية (حيث قد يكون الدور على الضفة أيضًا)، وبالطبع للأنظمة العربية لكنها التي قد تتساوق مع ثورة الشعب العربي ضد العدوان الصهيوني، والتي من المتوقع أن تتصاعد مع تصاعد العدوان والقتل والمذابح بالقطاع.

ليس من السهل القضاء على عقلية وفكر المقاومة أو النضال أو الثورة، أو الجهاد لا في العقل الفلسطيني الذي أَلِف النضال والنكران. ولا في العقل العربي ولا في العقل المسلم مطلقًا، فإن لم يكن هناك حل عادل لقضية فلسطين قلب الامة العربية والإسلامية فإن الاشتعال سيظل مستمرًا، جيلٌ يسلم جيل.

الفكرة الرئيسة لدى قوى الثورة والمقاومة الفلسطينية وحركة فتح هي الدولة الديمقراطية للجميع على أرض فلسطين، ولما لم يكن للعالم الذي زرع الكيان أن يقبل ذلك، وكذلك بن غوريون وجماعته فإن ما بعد نصر أكتوبر 1973 كان المسار الواضح نحو الدولة على المتاح من الأرض أي بإقامة السلطة على أي شبر يتم استعادته او تحريره.

إن الخيار العربي الفلسطيني بتحرير الجزء المتاح من أرض فلسطين أي الضفة وغزة حيث تحقيق استقلال دولة فلسطين القائمة تحت الاحتلال كان خيارًا فلسطينيًا صعبًا جدًا في مواجهة آلة الاغتصاب الصهيو-أمريكية، وكان يمثل الاكتفاء بالكيان السياسي على أقل من 22% من أرض فلسطين مجازفة فلسطينية، أو كما أسماها الغرب حين الاتفاق على أوسلو كمقدمة لها شجاعة عز نظيرها، الا أن المتطرفين الإسرائيليين (الذين يحكمون اليوم) قاموا بتدميرخيار السلام منذ حوصر بطل السلام ياسر عرفات وتم اغتياله، وبالتالي إسقاطهم راية السلام ورفع راية الحرب ما تعاظم بالسنوات القليلة الماضية مع إرهاب المستعمرين وداعميهم بالحكومة وعدوانات الجيش التي لم تتوقف لحظة، نحن هنا نقول ببساطة لا حل بتجاوز فلسطين مطلقًا.

أما عن مخططات أو سيناريوهات الحرب على قطاع غزة، مهما كانت، فهي لم تأخذ بالاعتباراليقين الفلسطيني والثوري، أي العوامل الإيمانية والنفسية والتعبوية بين من يؤمن بحقه الأزلي بكامل بلده ويدافع عنه، وبين مَن هو المحتل الرافض لأي حل.

 

التعليقات على خبر: اليقين بالنصر مقابل البربرية

حمل التطبيق الأن